بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... اما بعد...
أحبتى فى الله
متى يكون المسلم هاجرا ً للقرآن .؟
هل يجب على المسلم أن يكون له ورد يومى من القرآن الكريم فإن لم يفعل ثلاثة أيام كان هاجرا ً للقرآن .؟
يقول الدكتور الشيخ : محمد مختار المهدى الأستاذ بجامعة الأزهر بمصر فى إجابته على هذا السؤال :
نعم يجب أن يخصص وقتا ً يكون له فيه ورد يومى كل يوم حسب إستطاعته لقراءة القرآن ، كما قال ربنا :
" { فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ }المزمل20
وحين نستظهر الآيات التى فيها هذا الأمر الإلهى نجد أن القرآن لم يعطِ فرصة لمسلم أن يعتذر عن قراءة القرآن إلا لأعذار قهرية كما قال سبحانه وتعالى فى ذات الآية الكريمة :
{ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } المزمل20
فقد حصر سبحانه الأعذار التى تمنع المرء من قراءة القرآن فى المرض والدفاع عن الإسلام والتجارة والعمل للكسب الحلال ، والمفروض أن يكون لسانه رطبا ًبذكر الله ، فلا يتوقع من مسلم الآ يقرأ القرآن لمدة ثلاثة أيام ولا حتى يوما ً واحدا ً .
ونحن نضيف :
المشروع في حق المسلم أن يحافظ على تلاوة القرآن ويكثر من ذلك حسب استطاعته، امتثالاً لعموم قول الله سبحانه وتعالى: { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ } العنكبوت:45 وقوله: { وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ } الكهف:27 وقوله عن نبيه : ( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ ) النمل:91-92 ولقول النبي " اقرأوا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة " رواه مسلم، وأن يبتعد عن هجره والانقطاع عنه بأي معنى من معاني الهجر التي ذكرها العلماء في تفسير هجر القرآن.. قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: يقول الله تعالى عن رسوله ونبيه محمد إنه قال: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً } الفرقان30 وذلك أن المشركين كانوا لا يصغون للقرآن ولا يستمعونه، كما قال تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } فصلت26 ، وكانوا إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللغط والكلام في غيره حتى لا يسمعوه، فهذا من هجرانه، وترك الإيمان به وتصديقه من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره من هجرانه .
وأما جزاء هاجره فيختلف باختلاف نوع الهجر، فقد يكون الهاجر للقرآن كافراً كمن ترك الإيمان والتصديق به، وقد يكون الهاجر عاصياً كمن يترك امتثال أوامره واجتناب زواجره، مع بقاء أصل الإيمان معه، والله نسأل أن يشرح صدور المسلمين لتلاوة كتابه والعمل به.
•قَالَ الله عَز وجلَّ : (( إِنّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأقاموا الصَّلاَة وَانْفَقوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرَّاً وَعَلاَنِية يَرْجُونَ تِجَارةً لَنْ تَبُور لِيُوَفِيّهُــمْ أُجُــورَهمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ )) [غافر 29، 30].
•عن أَبي موسى الأشْعريِّ رضي اللَّه عنهُ قال : قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم :
« مثَلُ المؤمنِ الَّذِي يقْرَأُ القرآنَ مثلُ الأُتْرُجَّةِ : ريحهَا طَيِّبٌ وطَعمُهَا حلْوٌ ،
ومثَلُ المؤمنِ الَّذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمثَلِ التَّمرةِ : لا رِيح لهَا وطعْمُهَا حلْوٌ ،
ومثَلُ المُنَافِق الذي يَقْرَأُ القرْآنَ كَمثَلِ الرِّيحانَةِ : رِيحها طَيّبٌ وطَعْمُهَا مرُّ ،
ومَثَلُ المُنَافِقِ الذي لا يَقْرَأُ القرآنَ كَمَثلِ الحَنْظَلَةِ : لَيْسَ لَها رِيحٌ وَطَعمُهَا مُرٌّ » متفقٌ عليه
اللهم اجعل القرأن الكريم ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا
وجلاء همنا وغمنا وذكرنا منه ما نـُسينا
واجعلنا من اهل القران الذين هم اهلك وخاصتك
{ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }الحشر10